متاهة الحواس
(1)
.. وأبحث في التيه عن حواسّي. أبتهج في كلّ مرة لرؤاي الجديدة، ولالتقاطي أصواتاَ لم تكن بالأمسِ مسموعة.
للحظة رافقتني أحاسيس النشوة وأنا أملأ رئتيّ برحيق الكون. استزدتُ ألقاً حين أرغمتُ الزمن أن يقف عند شبّابة الراعي التي أشعلتْ جذوة لهيبي. هزأتُ من تفجّع الألم والسير في العدم، وانتشيتُ لفكرة جديدة راودتني. أطلقت العنان ليدي وتنفّست الصعداء وأنا أرى كلّ حواسي تعمل لإعادة ترتيب الأمور.
.. وأبحث في التيه عن حواسّي. أبتهج في كلّ مرة لرؤاي الجديدة، ولالتقاطي أصواتاَ لم تكن بالأمسِ مسموعة.
للحظة رافقتني أحاسيس النشوة وأنا أملأ رئتيّ برحيق الكون. استزدتُ ألقاً حين أرغمتُ الزمن أن يقف عند شبّابة الراعي التي أشعلتْ جذوة لهيبي. هزأتُ من تفجّع الألم والسير في العدم، وانتشيتُ لفكرة جديدة راودتني. أطلقت العنان ليدي وتنفّست الصعداء وأنا أرى كلّ حواسي تعمل لإعادة ترتيب الأمور.
(2)
أنا، أنا التي رأيتُ مقلتيّ تتقاذفهما الأشياء، حاولتُ أن أرفع يداً لالتقاطهما، فتناثرتْ الأصابع غباراً. أنا التي حاولتُ أن أصرخ، أنادي، فكان التصاق الشفتين صوت الألم.
لم أعد اسمع غير طقطقة عظامي وصرير أسناني، يقطعهما خفقان القلب. اتّسعت خطواتي وهويتُ حين رأيت نفسي مُقعدة.
أنا، أنا التي رأيتُ مقلتيّ تتقاذفهما الأشياء، حاولتُ أن أرفع يداً لالتقاطهما، فتناثرتْ الأصابع غباراً. أنا التي حاولتُ أن أصرخ، أنادي، فكان التصاق الشفتين صوت الألم.
لم أعد اسمع غير طقطقة عظامي وصرير أسناني، يقطعهما خفقان القلب. اتّسعت خطواتي وهويتُ حين رأيت نفسي مُقعدة.
(3)
رائحة غريبة! أسمع أصواتاً تتعالى: إنّه صراخ الأعضاء المنثورة؛ إنّها عطالة حقيقية! كيف أنجو؟ أيّة قوّة تستطيع إعادة ترتيب الأجزاء وبثّ الروح فيها؟ أجزائي تتحرّك! هل أنا لعبة؟
تتناثر أجزائي وتعود للالتصاق ثانية. لماذا أنا؟ لماذا، لماذا؟ افترشتُ العشب وغفوت.
رائحة غريبة! أسمع أصواتاً تتعالى: إنّه صراخ الأعضاء المنثورة؛ إنّها عطالة حقيقية! كيف أنجو؟ أيّة قوّة تستطيع إعادة ترتيب الأجزاء وبثّ الروح فيها؟ أجزائي تتحرّك! هل أنا لعبة؟
تتناثر أجزائي وتعود للالتصاق ثانية. لماذا أنا؟ لماذا، لماذا؟ افترشتُ العشب وغفوت.
(4)
اتّسخ المكان بمخلوقات عبثيّة. ازدادتْ البشاعة هولاً والطين قذارة. اصطلت الروح بعذابات جديدة.
وأنا، كمن لا تدرك كنْه هذا الهول المتعاظم، أزداد ألماً وتقززاً. وددتُ لو تهطل السماء لتخفّف قسوة هذا الموت، لكن المكان أخذ بالاتّساع، وأخذتُ أنا بالابتعاد.
شيء ما يتقدّم نحوي، يكبر مع كلّ خطوة، متّخذاً هيئة متجدّدة دون ملامح.. ملامح آدم التي غادرتُها منذ سنوات عديدة.
اتّسخ المكان بمخلوقات عبثيّة. ازدادتْ البشاعة هولاً والطين قذارة. اصطلت الروح بعذابات جديدة.
وأنا، كمن لا تدرك كنْه هذا الهول المتعاظم، أزداد ألماً وتقززاً. وددتُ لو تهطل السماء لتخفّف قسوة هذا الموت، لكن المكان أخذ بالاتّساع، وأخذتُ أنا بالابتعاد.
شيء ما يتقدّم نحوي، يكبر مع كلّ خطوة، متّخذاً هيئة متجدّدة دون ملامح.. ملامح آدم التي غادرتُها منذ سنوات عديدة.