الرمــــــــادي
فهمي الصالح
الرمــــــــادي : مقامـــة القهــر والنــزوح عن الــروح
......................................................................
لا بُدَّ من الرمادي ولو بالحلم
*************************
الرمادي حزينة – وليست كذلك
الرمادي يتيمة – وليست كذلك
الرمادي حين يغدو رمادها ذهبا ابريزا
*************************
ألا فليعلموا كلّهم كابراً عن كابرٍ بدءاً من القلب بجميع جهاته
وانتهاء بالدرب بكل منعرجاته
الرمادي : إبنة المطر والإشتعال والبرد والحبّ
ضربتها السكاكين بكلّ أصابع الخيانة والكراهية من ثلة الناكثين السماسرة وسياسي الغفلة ومقتني الشهادات العليا الهابطة وشيوخ البورصة والنذالة وعبدة الدولارات ، حتى أصابوها في مُجترح ومفصل وأكثر من موضوع وناحية ، فلا سامحهم عقل واع ولا غفر عنهم مخلوق لم يولد بعد
*************************
لكنّ الرمادي سوف تبقى حتّى وإن تهدمت أحجارها المشيدة
ستبقى عين كلّ مرآى وشاهول كلّ مسبحة وقبلة كل حقيقة ودعاء كل صلاة
ستبقى أمّنا الجريحة التي لم تمت بالطعنات الغادرات
*************************
نحن النازحون بكلّ شرف الخطى والمسافات نحن الذين قصمت حياتنا الأيام بالجفاء والتغرّب وأورثتنا المعاناة أخطاء لا يد لنا في صنع خناجرها اللئيمة ، وهم الذين يقطنون في قصور مسورة بالبنادق والصنائع والمنذارات ويتنعّمون بالفيافي الموشاة بالأزاهير المستوردة ، هؤلاء لا يمثلون عذاباتنا التي تئن الى الله ، ولا يمثلون دمّنا الذي تتكسّره خيانات الشرايين وصمامات المنافذ ، ولا يمثلون رائحتنا الحزينة التي تتشرب بالقهر في كل وقت .
*************************
نترقّبك في الليل البائس والنهار المنحوس
أيّها المليك الأعمى العاشق المبصر في عماه
لتقود الرعية الى العشب وتأخذ عيونها إلى رؤية الغيوم والأمطار في وقت مشرق الشمس
*************************
الرمادي باقية برغم كلّ الألوان برغم رحيل المدن
الرمادي باقية .!!