أنا لا أزال و في يدي قدحي | ياليل أين تفرق الشرب |
ما زلت أشربها و أشربها | حتى ترنح أفقك الرحب |
الشرق عُفر بالضباب فما | يبدو فأين سناك يا غرب؟ |
ما للنجوم غرقن ، من سأم | في ضوئهن و كادت الشهب ؟ |
أنا لا أزال و في يدي قدحي | ياليل أين تفرق الشرب ؟ |
******
| |
الحان بالشهوات مصطخب | حتى يكاد بهن ينهار |
و كأن مصاحبيه من ضرج | كفان مدهما لي العار |
كفان ؟!بل ثغران قد صبغا | بدم تدفق منه تيار |
كأسان ملؤهما طلى عصرت | من مهجتين رماهما الحب |
آو مخلبان عليهما مزق | حمراء تزعم أنها قلب |
******
| |
الخمر جمعت الدهور , ومافيهن بين جوانب الحان
| |
ياويحها! أسكرتُ أم سكرتْأم نحن في السكرات سيّان
| |
رمت العوالم والدهور على ثغري وفوق يدي وأجفاني
| |
كفي تمدّ فما تناولني كأسا لعيني خمرها نهب
| |
وأصافح الدنيا .. فياعجبا البعد لان .. وأعرض القرب !
| |
******
| |
يا ليل ، أين تطوف بي قدمي ؟ | في أي منعرج من الظلم |
تلك السبيل أكاد أعرفها | بالأمس خاصر طيفها حلمي |
هي غمد خنجرك الرهيب ، و قد | جردته و مسحت عنه دمي |
تلك السبيل على جوانبها | تتمزق الخطوات أو تكبو |
تتثاءب الأجساد جائعة | فيها كما يتثاءب الذئب |
حسناء يلهب عريها ظمأي | فأكاد أشرب ذلك العريا |
و أكاد أحطمه ، فتحطمني | عينان جائعتان كالدنيا |
غرست يد الحمى على فمها | زهرا طوى شهواتها طيّا |
إن فتحته بحرها شفة | سكرى يعربد فوقها ندب |
رقص اللهيب على كمائمه | و مشى الطلاء يهزه الوثب |
عين يرنح هدبها نفسي | وفم يقطع همسه الداء |
ويد على كتفي مجلجلة | رباه .. ويك !أتلك حواء |
لا كنت آدمها و لا لفحت | فردوسي الخمري صحراء |
صوت النعاس يرن في أفقي | فتذوب ناعسة به السحب |
إن الفراش يقيك ياقدمي | سوء العثار إذا دجى درب |
******
| |
أنا حائر متوجف قلق | كالظل بين جوانب البحر |
المد قربني إلى شبحي | والآن تبعدني يد الجزر |
وأنا الضياء تخيفني دجن | وأخاف أن سأضيع في الفجر |
يانوم كل عوالمي حجب | ولو التقيتك ذابت الحجب |
و انثال ، من سهري على | سهري ينبوعك المتثائب الرطب |
أثملت بين جوانحي أملا | ماكنت أعلم أنه أمل |
مثل الفراشة عاد يحبسها | دوح بذائب طله خضل |
لولا خفوق جناحها غفلت | بيض الأزاهر عنه والمقل |
أنا من ظلالك بين أودية | عذراء ، كل سهادها عشب |
هام الضباب على جوانبها | طل الوشاح كنجمة تخبو |
******
| |
أنا كوكب ظمآن ترعشه | نطف مؤرجة من السحر |
أنا غير جسمي عالمي حلم | بكر الظلال ، ولمحه عمري |
قلبي تغرّب عن أحبته | وانسل من نغماته وتري |
فإذا لثمت فغير خادعة | باتت لكل مخادع تصبو |
وإذا شدوت أرن في أفق | عبر السماء غنائي العذب |
******
| |
هو يافؤادي طيفها مسحت | عنه التراب أنامل الغسق |
هو غير تلك أما ترى ألقا | هو من دمائك أنت من حرقي |
هو غيرها .. غدرت ، وبادلني | حبي ، و ضمد بالسنا أفقي |
ومن المهازل أن يرى أمدا | بين الخيانة و الهوى _ هدب ؟ |
أين العوالم كيف غيّرها | نوم يرف وخاطر صب |
******
| |
خفقت ذوائبها على شفتي | و سنى فأسكر عطرها نفسي |
نهر من النفحات أرشفني | ريحا تريب مجامر الغلس |
فكأن نايا ضمخته يدا آذار | ناغم ليلة العرس |
فغفا و ما زالت ملاحنه | ملء الفضاء يعيدها الحب |
أو أن سوسنة يراقصها | رجع الغناء بشعرها تربو |
******
| |
ياقبلة أخذت على عجل | أفدي بعمري ذلك العجلا |
الشعر ستّر بالظلال فمي | فهوى على الوجنات واشتعلا |
فعلى جوانبهن منه سنا | يدعوه من جهل الهوى : خجلا |
فضح احمرارك ياخدود فما | زال يفضحني بما يحبو |
هو طفلك اللاهي ينازعه | أبدا إلى زهراتك اللعب |
******
| |
يا جسم ذاك الطيف ، ايا شبحا | من ذكرياتي يا هوى خدعا |
لعناتي الحنقات ما برحت تعتاد | خدرك و الظلام معا |
خفقت بأجنحة الغراب على | عينيك تنشر حولك الفزعا |
الصبح ، صبحك ، ضحك شامتة | دام و لليلك مضجع ينبو |
و إذا هلكت غدا ، فلا تجدي | قبرا و مزق صدرك الذئب ؟ |
******
| |
و البوم يملأ عشه نتفا | من شعرك المتعفر الضجر |
و يعود ثغرك للذباب لقى | و يداك مثقلتان بالحجر |
لا تدفعان أذاه عن شفة | بالأمس أخرس لغوها و تري |
و ليسق من دمك الخبث غدا | دوح تعشش فوقه الغرب |
تأوي الصلال إلى جوانبه | غرثى و يعوي تحته الكلب |
******
| |
ويعود من خشباته نزق | جان ، بمقبض خنجر دام |
ويعد منه سرير زانية | تهوى فتثقله بآثام |
وتظل أعواد المشانق من | أعواده ، كسيت بأجسام |
حتى إذا عصف الذبول به | وهوى عليه المعول العضب |
كان الوقود لقدر ساحرة | بين المقابر شأنها القشب |
الرئيسية »
بدر شاكر السياب
» أقداح و أحلام | بدر شاكر السياب
أقداح و أحلام | بدر شاكر السياب
Written By Unknown on الخميس، 10 يوليو 2014 | 3:58 ص
0 التعليقات