كـَمْ كـُنـتُ أكـرهُ الـدُخـان
،،،
من غيمةٍ بيضاء أو سوداء ينزِلُ المطـر
كما الندى رَذاذهُ يُحفِزُ العطورَ والأعشابَ والزهور
يغسلُ بابَ حديقتي
يُنظِفَ الطيور
و بعدها ننتظِرُ المطر
في غُرفتي الداكنةِ الألوانِ لا يدخلُ سوى العبير
من كُلِ مُنتهاه
ولا أرى الطيور على أعتابِ شِباكي
فمُغلقٌ من يومِ فارقني ضياه
لا ينزِلُ المطر
فغيمتي و دُنيتي والضوءُ قد رحل
الى سماءٍ سابعة
فيها بنوا قصورهم خالدةٌ بلا وجل
تزورني أرواحهم كما المطر
تأتي مُحَملةً بأنواعٍ من العطور
تملأُ أنفاسي شذاه
كافورُ أم مِسكٌ وكافور
أسألهُم هل حانَ موعدي ،، هل أبقى أنتظِر
قهقهةٌ تأتي مع الرياح
و زفرةٌ ترسمني إنحناء
غيومنا ما فيها من رذاذٍ أو وَبل
و وابلي آهاتُ مُعتزِل
دموعُ قلبي لا تزالُ صاعدةْ
لم ترتوي جذورها إشتياق
أغصانُها تيبستْ ما فيها إخضرار
ثِمارُ كُلَ شيءٍ مشوبةً بالمُستحيلِ والدمار
متى يكونُ المُلتقى
متى يعودُ وابلُ الحنين
و الخيرُ يرسمُ ما تبقىٰ من باقي ذي السنين
متى أرىٰ الجِنـان
و أرتمي بحُضنِ فاتنتي ليعتلي الشوقُ
كما البَخور
أنامُ بين أنفاسِها على ضلوعٍ أشتاقَها
أشتاقُ نفثَ دُخانِ أبي من سيجارةٍ تَعِجُ آلامَـهُ
كَمْ كُنتُ أكرهُ الدُخان
لكنني الآنَ عرِفتُ أنـَهُ يحمِلُ آهاتَ أبي
ويحمِلُ الحنان
كَـم كُنتُ أعِـجُّ بالغضب
حينَ أراهُ يستفيضُ بالسكون
وتعتريهِ نشوةَ الصمتِ مع الرماد
أسألُ نفسي ما السبب حينَ جلوسي قُربَهُ
يُطفِأهـا و يغسِلُ الضباب
أبي خجولٌ كان حين يُخبيءُ علبةَ دُخانِهِ
لم أنتبه بأنهُ كان يُخبي ألمه و حسرةً كانت
يرسمُ من دُخانِهِ الدواء
ولونُ شارِبِهِ أصفرُ من شيبةٍ و قطران
ونحن كنا لا نفقهُ الألم
كان أبي يرسمُنا أمل
،،،،،