بدل ضائع
إبراهيم البهرزي
علّمني أبي أن لا أقتل َ نفسي بكاءً حين أفقد ُ شيئا ً ,
الأسى لا يعيد المفقودات
كُرة ً فقدت ُ
بُلبلا ً
دفترا ً مدرسيّا ً
ثم َّ امرأة ً فيما بعد ,
صرت أفقد ُ وأنسى .
تكثر المفقودات وينضب النسيان ,
صارت بومة وحيدة تقف على كتفي
مطمئنّة ً.
المماشي التي أريّض ُ بها أيّامي تفقد امتدادها الأنيق
تُبتَر ُ وتضيق ُ أو تنحرف ُ
وتعود الى خطوتي الأولى مقرفصة ً.
أوّل ُ أعراض الضجر ِ
أن تلكُم َ ظلّا ً عابرا ً في الطريق ,
تفقد القدرة على الاستئناس بشيءٍ
تفقد الطريق الذي يعيدك للبيت ِ
تفقد الدمعة المناسبة للسلوان
تفقد العضلة القادرة على اجتياز السياج
تفقد اليد التي تلوح ُ للأليف ...
كان هناك وطن في النشيد الصباحي
تحمله سارية عالية في البرد
تقف عليه بومة ٌ وحيدة ٌ مطمئنة ٌ
ذهب هو الآخر ُ معي الى حكمة أبي
الى نصائحه المشوبة بالعطف ِ والخوف ِ :
لا تقتل نفسك َ بكاءً
لكل ِّ مفقود ٍ عَوَض ٌ ما
الكرة تعوّضها القدم
البلبل يعوّضه القفص
الدفتر المدرسي يعوّضه التسكّع
الأمرأة تعوّضها العادة السريّة ,
الوطن الوحيد مثلي , المفقود مثلي
يعوّضه البكاء .