غادرتني البراري
***
ليستْ ظلالاً كي تَتْبَعَني
هي بعضُ خِسَاراتي تغذُّ السَّيْرَ مِن بَعْدي
ربّما كانتْ تَستصرخُني
وأنا أجنحُ بقافِلَتي تحتَ صَمْتِ الهجيرةِ
نحوَ سَفْحٍ للطَّريقِ
إنّما صوتٌ
كان يَأتي مِن أعماقِ سَوْرةٍ في الدَّخيلةِ
ظلَّ يَسألُني:
علامَ تُواصِلُ الرّحلةَ وقَدْ انْطَفَأ في البلادِ رجاءُ ؟
أُجيبُ :
هي مِحْنَتي وأَنا أَحْمِلُ ثقلَها
حيثُ لَمْ يبقَ مِنْ نشيدِ القبيلةِ سوى طَللٍ
يَئِنُّ في جسدِ الذَّاكرةِ
يَتَخَطفُني عراءُ الأرصفةِ وضلالُ اللغاتِ التي
تَعَسَّرَتْ على النُّطقِ مَعَانيها
ولَمْ يبقَ مِن وهْجِ العُمرِ
سوى خَيْطٍ يَتَدلّى نحوَ مَسربٍ مائيٍّ
يَتَلَعثمُ كلَّما استَشاطتْ الأيامُ غيظاً
**
" ... ومِن النّسيانِ قَدْ يَأتيَ بوحٌ مؤجلٌ ..."
" ... ورُبَّ أبوابٍ انفتحتْ للطارئاتِ كي تمرَّ أشباحُنا دون ضجيجِ ..."
" ... تلكَ التي ارتجفتْ أمامَ ذكرى الشواهدِ..."
**
الرَّحلةُ ما انْتَهَتْ
والمسافةُ تلِدُ مسافةً
وغربانُ الوحشةِ تتصيّدُ أَنجُمي
ولُهاثَ مَلائكتي التي
تتعثَّرُ كُلّما تعثّرتْ بي خطوةٌ في متاهةِ الطريقِ
آهٍ مِن رِئةٍ لا تتنفّسُ
غيرَ تُرابٍ مِن وطنٍ ظلَّ يَنأى
ومعَهُ طَعنتْ في الغيابِ أوراقٌ
كتبتُها ذاتَ شجنٍ أَوْ ذاتَ حَنين
**
أيُّها المُفارقُ
وأنتَ أمام الموجِ تنوحُ
أو أمامَ البريّةِ
مَن يُرجعُ إليكَ الصدى ؟
الجدرانُ والوديانُ وحدها مَن يُرجعُ الصَّدى
أُجزمُ أنّكَ سمعتَ بصيحةٍ في بريّةٍ
فهي صيحةٌ لا يرجعُ ـ مهما حاولتِ الرّيحُ ـ صَداها
**
ويظلُّ السؤالُ عليَّ يَلحُّ وأنا كالمعتوهِ أُجيبُ :
هذا الوطنُ المنحورُ هلْ تَنزعُهُ مِن وسطِ قَلبكِ مثلَ شريانٍ عليلٍ ؟
قلتُ لا .. وقد تَمَكّنَ واتخذَ مِنهُ مَنزلاً .
والغربةُ هل أدمنتُها وقد زادَ مِن ظُلمتِها السُّفهاءُ ؟
قلتُ كيف هذا وأنا في ضلالِها أَتَحَيّرُ ؟
وكم يتبقّى مِن العمرِ هذا الذي طحنتْهُ المنافي والرؤى الغريبة ؟
وأنا لا أُجيبُ
ومِن الأزمانِ
هل تعشقُ زمناً تَجبّرَ وتَكبّرَ ثم طَغَى وبَغَى؟
ومرّةً أخرى لا أُجيبُ
ولَنْ أُجيبَ
**
"... آهٍ حَبيبي
لولاكَ لضاعَ العمرُ مُنذُ المُنازلةِ الأولى ..."
"... هل تَرى وطناً كُلَّما تَذكرتَهُ أو اقتربتَ مِن أسوارِهِ شممتَ رائحةً للخيانةِ ؟..."
**
أتَعرفُ بماذا يُفكرُ الغريقُ ؟
أَتعرفُ شعورَ المُحتضرِ وحيداً في غربتهِ ؟
لا تَحزنْ إنْ كنتَ جاهلاً
فتلكَ مِن خطايانا
وابحثْ عن جوهرةٍ للحكمةِ
أضاعَتْها القوافلُ
ذاتَ عبورٍ
***
ليستْ ظلالاً كي تَتْبَعَني
هي بعضُ خِسَاراتي تغذُّ السَّيْرَ مِن بَعْدي
ربّما كانتْ تَستصرخُني
وأنا أجنحُ بقافِلَتي تحتَ صَمْتِ الهجيرةِ
نحوَ سَفْحٍ للطَّريقِ
إنّما صوتٌ
كان يَأتي مِن أعماقِ سَوْرةٍ في الدَّخيلةِ
ظلَّ يَسألُني:
علامَ تُواصِلُ الرّحلةَ وقَدْ انْطَفَأ في البلادِ رجاءُ ؟
أُجيبُ :
هي مِحْنَتي وأَنا أَحْمِلُ ثقلَها
حيثُ لَمْ يبقَ مِنْ نشيدِ القبيلةِ سوى طَللٍ
يَئِنُّ في جسدِ الذَّاكرةِ
يَتَخَطفُني عراءُ الأرصفةِ وضلالُ اللغاتِ التي
تَعَسَّرَتْ على النُّطقِ مَعَانيها
ولَمْ يبقَ مِن وهْجِ العُمرِ
سوى خَيْطٍ يَتَدلّى نحوَ مَسربٍ مائيٍّ
يَتَلَعثمُ كلَّما استَشاطتْ الأيامُ غيظاً
**
" ... ومِن النّسيانِ قَدْ يَأتيَ بوحٌ مؤجلٌ ..."
" ... ورُبَّ أبوابٍ انفتحتْ للطارئاتِ كي تمرَّ أشباحُنا دون ضجيجِ ..."
" ... تلكَ التي ارتجفتْ أمامَ ذكرى الشواهدِ..."
**
الرَّحلةُ ما انْتَهَتْ
والمسافةُ تلِدُ مسافةً
وغربانُ الوحشةِ تتصيّدُ أَنجُمي
ولُهاثَ مَلائكتي التي
تتعثَّرُ كُلّما تعثّرتْ بي خطوةٌ في متاهةِ الطريقِ
آهٍ مِن رِئةٍ لا تتنفّسُ
غيرَ تُرابٍ مِن وطنٍ ظلَّ يَنأى
ومعَهُ طَعنتْ في الغيابِ أوراقٌ
كتبتُها ذاتَ شجنٍ أَوْ ذاتَ حَنين
**
أيُّها المُفارقُ
وأنتَ أمام الموجِ تنوحُ
أو أمامَ البريّةِ
مَن يُرجعُ إليكَ الصدى ؟
الجدرانُ والوديانُ وحدها مَن يُرجعُ الصَّدى
أُجزمُ أنّكَ سمعتَ بصيحةٍ في بريّةٍ
فهي صيحةٌ لا يرجعُ ـ مهما حاولتِ الرّيحُ ـ صَداها
**
ويظلُّ السؤالُ عليَّ يَلحُّ وأنا كالمعتوهِ أُجيبُ :
هذا الوطنُ المنحورُ هلْ تَنزعُهُ مِن وسطِ قَلبكِ مثلَ شريانٍ عليلٍ ؟
قلتُ لا .. وقد تَمَكّنَ واتخذَ مِنهُ مَنزلاً .
والغربةُ هل أدمنتُها وقد زادَ مِن ظُلمتِها السُّفهاءُ ؟
قلتُ كيف هذا وأنا في ضلالِها أَتَحَيّرُ ؟
وكم يتبقّى مِن العمرِ هذا الذي طحنتْهُ المنافي والرؤى الغريبة ؟
وأنا لا أُجيبُ
ومِن الأزمانِ
هل تعشقُ زمناً تَجبّرَ وتَكبّرَ ثم طَغَى وبَغَى؟
ومرّةً أخرى لا أُجيبُ
ولَنْ أُجيبَ
**
"... آهٍ حَبيبي
لولاكَ لضاعَ العمرُ مُنذُ المُنازلةِ الأولى ..."
"... هل تَرى وطناً كُلَّما تَذكرتَهُ أو اقتربتَ مِن أسوارِهِ شممتَ رائحةً للخيانةِ ؟..."
**
أتَعرفُ بماذا يُفكرُ الغريقُ ؟
أَتعرفُ شعورَ المُحتضرِ وحيداً في غربتهِ ؟
لا تَحزنْ إنْ كنتَ جاهلاً
فتلكَ مِن خطايانا
وابحثْ عن جوهرةٍ للحكمةِ
أضاعَتْها القوافلُ
ذاتَ عبورٍ