صورة مَن؟
مِن أينَ لكَ
بكلَّ هذه القصائد التي تنزلُ كالمطر،
بحنينِ المطر
واشتياقِ المطر
وغموضِ المطر؟
- قالَ لي الشاعرُ-
هكذا يسألُ الناسُ دوماً.
فتعالَ معي لأريكَ سريّ الجميل.
فأنزلني إلى سردابِ السنين
ثمَّ فتحَ باباً عَتيقاً
ثمَّ فتحَ دُرْجاً عَتيقاً
ثمَّ أخرجَ كتاباً عَتيقاً،
كتاباً مُلِئتْ سطوره بحروفِ العُشّاق،
وحروفِ القتلى والغرقى والمنفيين
وحروفِ الزاهدين والمحرومين.
وفي آخر الكتاب
رأيتُ صورةً مُغطّاةً
بالتُرابِ والعشبِ والدم،
صورةً ينزُّ منها الدم.
صرختُ: صورة مَنْ؟
لم يجب الشاعر.
رغمَ أنّي كرّرتُ السؤالَ ثلاثاً.
بل قالَ بما يُشبهُ التمتمة:
هذا هو السرّ!
ثمَّ حملَ كتابَه العتيق
ولم يرجعه إلى الدُّرْج
بل أدخله إلى موضعِ القلب.
ومضى مثلما الحلم
دونَ أنْ يقولَ وداعاً.