صبري هاشم
لحظات الشاعر
***
إلى البصري عبدالوهاب عبدالرحمن السالم ( أبو هندرين ) الذي قتله الطلبانيون في بشت آشان وضاعت أشعارُهُ التي لم ينشر منها شيئاً .
***
يا عبدالوهــــــــــــــــاب
وبكى بوجهِ الليلِ طيرٌ
هل كنتَ في تجويفِ القلبِ أم في مغارةِ الريحِ ؟
بكتْ نساءٌ أنتَ لا تعرفُهنّ
إلاّ مِن رائحةِ الشجرِ
كنّ يعطرْنَ الأثيرَ
بقطراتٍ مِن عرقِ أجسادٍ عن الحاجةِ لا تفيض
هنَّ سفائنُ المطرِ العابراتُ في الضباب
وهنَّ السراب
يا عبدالوهـــــــــــــــاب
وطأطأ الليلُ رأساً
أمامَ صمتِ المحاربِ الموغلِ في الوحدةِ
كنّا نطوفُ مثلَ صقورٍ عمياء فوق " قنديل "
أو تحت سحائبَ غاضبةٍ
وأنتَ جمرةٌ في الليلِ
لا تستقرُّ في الريحِ
تختضُّ أو تتأرجحُ جنوباً أو شمالاً
حين نشمُّ ، من وراءِ العشبِ ،
رائحةَ التبغِ
وحين في أحداقِنا يرقصُ الظلامُ
نهتفُ :
ها قد جاء القرويُّ المفعمُ بالعزلةِ والدخانِ
ومن بعده قارّةٌ تأتي
أيُّها الأبيُّ
الذي بكوفيتهِ لفّ خجلَ الجبالِ
لا تتركِ النهرَ في غموضِهِ السعيدِ
فربما أتى على مضغةِ رضيعٍ
في أيامِه الأولى
وربما أغوتْهُ هدهدةٌ ما نفذتْ صوبَ القرى
أيها الفتى
الذي كنتَ أيقونةً في ديرٍ سماويٍّ
أو نجمةً ترقصُ على صدرِ الوليدِ
سَلبتْ أسمالَك الجيوشُ
ووزّعتْها على رؤوسِ الجبالِ