قصائد السجن والشهادة وأحلام الفقراء
خديجة السعدي
الليلة الأخيرة
في ليلةٍ ظلماء،
في غياهب سجنه الرهيب،
تهدّجتْ أنفاسه
وبانت خطوط أرقه
واضحةً للعيان.
لم يكن يدري
أنّ تاريخاً قد بدأ
واسماً تخلّد في ذاكرة الزمن.
في الليلة ذاتها،
تصفّح ما مضى بذاكرته
التحفَ فرحه الخفي،
وأغمض عينيه
ليرى ما سيكون عليه العالم
بعد رحيله.
الشهادة
أشهدأنّي غضبتُ،
ذرفتُ دمعاً،
وصرختُ.
أشهد أنّي همستُ
مرةً للوردِ،
وابتهلتُ عند الفجرِ
لوطنٍ يُسمّى عراقْ
أن يمدّ جناحيه،
ويشعل شمعةً في كلِّ بيتْ
تستمدّ من الشمس وهجاً
ومن الجناحين ألقاً.
القصيدة الأخرى
بالدفء ذاته،
بذرّات التراب
وهواء أسطح الفقراء،
بتلك الأرصفة التي جمعتنا
يومَ اللقاء،
بالظلام الذي لم ينقشع بعدُ،
بالهموم والتعب،
وصوت أمي، وصورتها...
كيف أنجو من وجوم البؤس؟
على كلِّ غصن خجول،
تنام مئات الأجنحة،
وتحتَ كلّ جُنحٍ تخفق الأحلام،
أزمنةٌ وأمكنة
كنّا فيها ننام.
لكنْ لا رموز الحكاية،
ولا شموعُ العيد..
لم تبدد وحشتي.
كنتُ أكتبُ:
سيجيء يومٌ
تشرئبّ من الأعماق أحلام الطفولة،
تعانق فرح اللقاء
وحبيبةً كانت خجولة.
كنت أكتب... قصيدةً أخرى.