مهرجانٌ في رأسي
صلاح فايق
يحبّني هذا الساحلُ , عندما أحضرُ هنا
أعيدُ عليهِ قراءة إمتداحي له
وأنا أتذكرُ إبتسامة أُمي واسمعُ صفير قطارٍ , يقتربُ
يقفُ عند هضبةٍ ويلتفتُ اليّ , ثم يمضي
*
كتبتُ كثيراً عن أصدقائي . عن ماركس , مثلاً ,
وعن نهرين , عن شغفي بالعناكب وقمصانٍ من حرير
عن قراصنةٍ يوزعونَ طحيناً على فقراء هذه الجزيرة وعن شاعرٍ ,
يمسّدُ في قصائد له , حيواناتٍ ضارية : لم يكتب عني أحد
*
ان تمدحَ شلالاً او عصفوراً
ذلك لن يزعجَ ثعباناً يتغطى بجريدة
ولا من فرار رهبانِ مطارٍ مزدحم
تاركينَ مؤونة شتائهم في توابيت ثمينة
*
عشتُ في ألأشهر ألأخيرة أحفرُ ,
على شاهدةِ قبري , مقاطع من شيزوفرينيا
مدني القديمة :
نسيتُ عام ولادتي وموتي
*
أتذكرُ أصدقاء لي يسخرونَ من
عاصفةٍ كانت تقفُ عندي وقرب بيانو كان
يعزفُ لوحدهِ ـ كنتُ أضطجعُ عليه
وتحت رأسي مؤلفاتي , التي لم تكتمل
*
نعم معجزاتٌ كثيرة اصادفها كل يوم
أنظروا الى ريحٍ تحملُ حقيبتي , الى ثورٍ يبكي في
سردابٍ . أساعده , أدلّه الى الطريق ـ فجأة يعودُ الى
السرداب , بينما مهرجانٌ في رأسي لا أعرفُ من يديرهُ
ولا افهمُ لغتهُ , يستمرُّ حتى بلا استئذانٍ مني
*
لا أريدُ مجيء الليلِ , فهو يؤلمُ قلبي المنهك
صخبٌ هنا من هاربينَ بحرقون جوازاتهم
أمام البحرِ وصخبٌ هناك ,خلفهم , من أطفالهم
وهم يبكونَ بلا سببٍ وبلا توقف
*
في هذه المقاطع زلازلُ صغيرة
تخرجُ من مجاهل يدي التي تكتب
ما يدفعُ معلمي الضواحي ليمزقوا قمصانهم الجديدة
وإهداءات كتبي اليهم
*