الخلاص من رطوبة السنوات التي عشناها..
نصيف الناصري
الخلاص من رطوبة السنوات التي عشناها..
يأملُ الانسان بطول البَقاء وَالبَقاء الطَويل
في العَفن الدائم للعمر مَسْخرة.
ما يثير الريبة عندي هو هذا السعي
المحموم للبشر في
الحرص المريض على التشبّث
بتفاهات الواقع اليومي للحياة.
الاستمرار في الحلم التافه
للعيش، يفطمنا من الطحلب
العتيق للقوقعة المروّضة للأيَّام وَالليالي.
انظر الى أولئك العجائز في الدروب
وعلى المصاطب المنتشرة
بالحدائق والميادين. انهم لا يعيشون
لحظات حيواتهم المطفأة بأمان.
لا قناديل ربيع تنيرُ طرقاتهم، ولا أمل لهم
في الحصول على عطية أوغنيمة ما.
المرض والعته والجنون هو كلّ ما يجعل
أحلامهم الشيطانية مستيقظة
في انتظار الحجارة الباردة للبقاء.
لا أحد منهم يستعدُ للموت بشرف من أجل
اللحظة الشفيفة للرحيل بشجاعة
عن خواء وقبح العالم، ولا أحد منهم يَعْبرُ
في ابتهالاته المسائية، الصخرة المُتَكسّرة
للهندسة المحُكمة بقبره الجميل.
كلّ شيء في الحياة ينبضُ باضمحلالنا
وضمور رغباتنا التي تتآكلُ في كلّ حين.
ولا أملُ لنا إلاّ بالاندفاع صوب البركان
للخلاص من رطوبة السنوات التي عشناها.