تسللت كلص الى حلم نافذة..
/
كانت شابة وجميلة..على صدر جدار عجوز متداع...تشكو الوحدة واحزان الجدار...وخفقات قلبه المضطربة...
/
كنت أنا..ابيعها انحناءات عاشق شغوف..كلما مررت بها وتفتق محياها عن ضوء شفيف..
/
لم يكن الأمر بالبساطة التي تتصورن..
فأن تستأنس نافذة..وتمضي ساعات الليل بين يديها تبثها أشجانك وأحلامك..ثم تسمع ضحكات مكتومة من الجهة الأخرى تؤكد افشاءها سرك..ويكون لزاما عليك أن تغفر لها دوما..بحجة أن النوافذ لا تحفظ الأسرار..ليس بالأمر الهين....
/
الآن وقد نامت على يدي..قررت أن أتسلل الى حلمها وأبادلها الدور الذي تلعبه معي..هذه المتحذلقة اللعوب...
/
سأكون نافذتها وتكونون انتم الجهة الأخرى بضحكاتكم المكتومة..
/
انا الآن في حلم نافذة..
أحس برهبة المكان حولي..الرؤية منعدمة والظلام دامس..اتعثر بأحجار تبدو كشواهد قبور..لا أعلم اين أقف..لكني أسمع طرقات تأتي من تحت قدمي..ابتعد مذعورا..لتعود الطرقات مرة اخرى...
/
هكذا قضيت ليلة حلم كاملة..أفر من ناحية لأخرى وتتبعني الطرقات..عندما بزغ فجر الحلم وسطع الضوء..وجدتني أقف على صدر نافذتي..كانت تقهقه..وكنت مذهولا..أطأطئ رأسي نحوها وابصر ضحكتها اللاسعة..
/
حين إنتصبت واقفة أمامي..بدت فرعاء بساقين طويلتين..ودون جدار..كما عهدتها..
تحدثنا كما لوكنا خارج الحلم..باحت بسرها لي...أخبرتني..أن جميع النوافذ..لهن الحلم ذاته..كلهن دون استثناء يحلمن بسيقان طويلة تأخذهن كل ليلة لزيارة المقبرة...والإلتصاق باشتهاء على جسد التراب الرطب بعيدا عن الجدران الصماء...يفتحن ردهات قلوبهن لطيوف الموتى العابرين..لتبادل الزيارة..والنكات على الأبواب المغلقة..
/
في نهار الحلم لنافذتي..
ابصرت أشجارا تثمر نوافذ..وبيض طيور يفقس نوافذ كذلك..
كانت نوافذ مدلاة وكنت أشتم روائح التفاح والليمون من ياقاتها..وأخرى طائرة بجناحي ملاك..
رأيت فراش النوافذ..وصغارهن اليرقات..وسمعت صيحات ديكة نوافذ مغرورين...
/
كان عالما مدهشا تبنيه النوافذ وتحلم به...
/
لم أعد من هناك...
كانت نافذتي تفكر مثلي..تماما...المكان ينقصة انسان نوافذ..
فتحت لها ذراعي..واحتضنتها بحب..
وجدتني دون صدر او ظهر...أفشي كل الأسرار..وأحلم بأطياف تتخللني...هكذا كما عشقتني نافذة وحلمت بي..."إنسان نوافذ لاأبارح حلمها"..