صلاح فائق
حين تنامُ المدينةُ , أمشي على سطوحِ البيوتِ
وألأبنيةِ , باحثاً عن هواءٍ نقي
من هناكَ أرى غيوماً جالسة في حدائق :
ظننتُها لا تتعبُ , وعند أزقةٍ رومانية الطراز
غارقةٌ في تأملاتٍ لاهوتية , بدلَ أن تتعلّمَ
مهارة صيد السمكِ أو التلويحِ
لأسرابِ طيورٍ تُهاجر
*
قضيتُ وقتاً أتعلمُ كيف أتنفسُ
وأنا أرقصُ عند المحيط . مرتْ هليكوبترات
محمّلة بملائكةٍ سوداء , تبعتها ملايينُ نحلٍ
هل خطفوا مليكتها أم توهمتْ رحيقاً في
تلك الطائرات ؟ يتساءلُ صوتي .
أنا في مأمنٍ هنا من الأشباحِ والملائكةِ
ومن مهاجرينُ يتسلقونَ الهواء بين العمارات
*
تجنّبْ حراس هذه المدن المجنونة
أينما رأيتهم - أمام دار اوبرا , بأسلحتهم
واحزمتهم التي من حرير ,
تجنّبهم وهم يبتسمون للأطفالِ والكلاب
كل هذا مزيّفٌ : لن تجدَ إنساناً في اجسادهم
اسنانهم من نحاس
تجنّب حراس هذه المدن المجنونة
إذا إلتقيتهم في مكتبات , صحفٍ وتلفزيون
حيث يعملون أيضاً , تجنّبهم في أحلامك ,
مناماتك وفي ألأزقة
*
أذهبُ الى التلالِ كل مساء
لأرى غروبَ الشمسِ وأشكرها
المدينةُ مرتفعاتٌ شاهقة , مسمومة
فارغة في الليل ـ هنا مصبّ نهرٍ وحيدٍ
أراهُ يهربُ , أحياناً , نحو منبعهِ في ريفٍ بعيد
تعيدهُ , مرغماً , حواجزُ وسدود
*
أنا أغوصُ في اللامرئي :
يلائمُ إختبائي , إسترخائي
وإستماعي الى أناشيد زقّورات .
هكذا أبدأُ كل يومٍ حياتي
*
سوف أعتلي كتفيّ
لأحتفي , بهتافاتٍ , بهذا الجسد
الذي يفنى , يوماً بعد يوم
واحملُ اليهِ بكفيّ هدايا مسافرينَ لا أعرفهم
هو الذي نسي نفسهُ لزمنٍ طويل
وهام في كلّ شفقٍ حول غابةٍ من حجر
*
نيران الصيفِ تتأججُ من جديد
خرافٌ لا تُرى تلتهمُ بقية البراعم
أشجارٌ ضعيفةً في تجاويفِ سيقانها
ثعابين صغيرة ,
أعود الى منزلي من تسكعي الصباحي
فلا أجدهُ في أي مكان