نصيف الناصري
تَتَأهَّبُ للعراك وفي صَوْتها ضَجيْجٌ يُهشِّمُ الأشْرعة السود
للظَهيْرة. قَبل مَجيئها مِن العَمل نَظْفَتُ حوض الاستحْمام
بالديتول وأبْدَلْتُ المَناشف وأشعَلْتُ الشموع وَوَضَعْتُ كأس
النَبيْذ. أعرفُ انها تريد الدفء والبَهْجَة بَعد يَوْم حافل مِن
التَعَب. أثْناء طَبْخي للطَعام الذي تأخَّرْتُ عَنْه بسَبَب ذهابي
الى حَوانيت العطَّارين العَرب في المَدينة لشراء زيْت
الخَرْدَل. أطْلَقَتْ صَوْبي رصاصة ناحلة. ناوَلْتها كأس نَبيذ
آخَر وَفَرَكْتُ ظَهْرها بالأسْفَنْجَة، لكنّها أرادَت الليِفَة لظنّها
انها أفْضَل في تَنْشيْط الدَوْرَة الدموية. كلّ شيء بَيْني وَبَيْنها
مغاير منذ أن عَرَفْتها وَهيَ تَعْرفُ انني أموت قَبْلها. أكْثَر
مِن سوء تَفاهم وَدَدتُ فيه أن أتَكَوَّم على الغَيْم وأقْذفُ نَفْسي
في بركان. أنا رَجلُ مُهاجرٌ وَكُنْتُ في الماضي أرافق
الصَعاليك الى النجوم وَهيَ مُتَّهمة باغتيال المَلائكة.
بَعد الاستحمام وَضَعَتْ على وَجْهها مُتَفجرات وَغَطَّتْه
بقطْعَة قماش وَتَغدَّتْ مُتَعثِّرة بالمَواشي. نَسْمَة عذراء
حَطَّتْ بَين النهود، كانَت بَرَكَة حَقيقيّة. حَمَلَتْنا الى الأرض
المَجْهوْلة للجنس وَتَلَقَّيْنا انعكاس الشَمس بضراوة المُحبِّين.