الرئيسية » » الرحلة الى الداخل | نصيف الناصري

الرحلة الى الداخل | نصيف الناصري

Written By Lyly on السبت، 4 أبريل 2015 | 1:43 ص


الرحلة الى الداخل...
نصيف الناصري


الرحلة الى الداخل...

تأتي الأيام وتمضي ولا يسمع صدى
تهشماتها إلاّ الغرقى
في عزلتهم على شواطىء السأم.
لم نعد ننتظر نسيم البحر في الأحلام،
وما عاد العبور الى ضفّة ما يغرينا بالتقاط
أيّة حصاة. لحظاتنا الراهنة ابر توخز الأجفان،
والصقيع يشلّ كلّ حركة في أنهارنا
المدفونة تحت صمت الأغنية.
عشت حياتي كلّها مسالماً مثل
عقعق ينام تحت شجرة
الكرز، ولا أعداء لي سوى البرد والمتثاقلين.
بي رغبة الآن أن أشق البحر وأعثر على
المغناطيس لأسلمه في ظلمة الليل
الى الأشياء التي تدمرّ حياتي.
ندف الثلج تغطي المدينة منذ أكثر من اسبوع
لا نحلة تطن
ولا فراشات تحلّ الغاز العاصفة المستمرة.
أحاول الذهاب الى الحانة، لكنّ شظايا القنابل
تنخفض فوق أشجار الرغبة.
نوافذ كثيرة مغلقة، والأحلام
داكنة مثل أسرّة مشطورة.
الأيام الكئيبة تحولنا الى أسماك تتعقب الجسور.
لو كنت الآن في بغداد أو الناصرية
لقطفت الخبّاز وأصغيت الى ورود الرازقي والجوري.
زوجتي صامتة وتدرّس نفسها حياة كولومبس
أكلمها فلا تجيب، انها منشغلة باحتساء الجن
والبحث عبر الانترنت عن رحلة بسعر مناسب
الى بلد حارّ { تذكرة الدقيقة الأخيرة }.
- تعال معي الى المغرب . في اغادير درجة الحرارة 26
- في المغرب فيضانات. غرق الكثير من الناس يوم أمس
- اغادير. اغادير. درجة الحرارة 26
هل أنتَ عامل تنظيفات يقذف الأبواب المتصدعة
في المجاري؟
كنتُ أطبخ الرز والسمك بالتوابل
الهندية وأحشش أثناء الشراب
صيحات طويلة في رأسي أسمعها تأتي
من متجمّدين في وحدتهم.
جارتي اللطيفة ستأتي الى
الوليمة بعد قليل ومعها شرابها
ستكون ظهيرتي معها أكثر اقتراباً من النجوم
سنشرب ونغني وربما أنام معها
حين ترسل اشارات الى الموتى.
- نصيف. أنا الآن في كوبنهاكن.
سأركب القطار. لم أستطع
الطيران من مدريد الى الرباط.
كل خطوط الرحلات متوقفة بسبب
العاصفة الثلجية. أعادوا لي ثمن
التذكرة مع تعويض لا باس به.
- اسمعي، أطبخ الآن رؤوس الخرفان.
الرائحة كريهة جداً في البيت
وسيأتي أصدقائي بعد قليل.
اذهبي الى بيت أمك وتعالي في الغد
- عظيم، أنا جائعة، سآكل الخرفان. 
أحضرت لك زجاجة فودكا
- ولكنّ الرؤوس .............
- لا يهم ، سآكل الرؤوس.


مؤلمة كل الأشياء اللامتوقعة
والأشدّ ايلاماً هو افراطنا في الأمل.


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.