للأم ، للربيع ، للتحرر
سامي العامري
للأم ، للربيع ، للتحرر ،
ـــــــــــــــــ
قصدتُ عناقَها بَعدَ اغترابِ
وقصدي واضحٌ حدَّ الضبابِ !
أجمِّعُ ما تبقّى من وجودٍ
وأمضي نحو بغدادِ الشبابِ
وأعلمُ أنها ظلتْ حلوباً
يغرِّدُ في جنائنها المُرابي
وأعلمُ أنها شاختْ مِراراً
وناحَ بها الربابُ على الربابِ
وناختْ فهي تسجدُ لا لتقوى
ولكنْ هكذا ثقلُ المَصابِ
وباختْ ! مثلما مطَّتْ شفاهٌ
على مهلٍ أوابدَ من خطابِ
وداختْ ! فهي تنهلُ من وعودٍ
شراباً بل وألعنَ من شرابِ !
وكُثْرٌ حذَّرونا من بعوضٍ
وهمْ أبناءُ عمٍّ للذبابِ
كذا وطنٌ رثاهُ الكونُ مأوىً
لمَن قاسى وغُيِّبَ من رِهابِ
حليقُ الحقلِ لا ثمرٌ لذيذٌ
سوى الغَصّاتِ تَينع في الرحابِ
ولا ترجيعُ أطيارٍ صباحاً
على بيتٍ ولا طَرْقاتُ بابِ
يغلِّفُهُ السكونُ كما الهدايا
ليسهلَ فتحُها بيد الخرابِ
فقلتُ : ستعسرُ الأحوالُ حتماً
عليهمْ والمصائرُ للترابِ
عزيزٌ ذلَّ لا معنىً لشكوىً
ولا التهليلِ للدمِ والعذابِ
أراني لامحاً أسرارَ طيفٍ
تجمَّعَ فجرُهُ فوق القِبابِ
ويا أمي التي رانت بنورٍ
على الصوبين يا تعبَ العتابِ
أضمُّكِ والسنون قطارُ حزنٍ
وسكةُ حيرةٍ لأقولَ ما بيْ
وإنكِ يا سلمتِ جوابُ حلمٍ
غزاني مُشرقاً والبالُ كابي
حلمتُ بثورةٍ وهديرِ رعدٍ
لعهدٍ مقبلٍ مثلَ الشهابِ
ثراءٌ في النفوسِ وفي المغاني
وفي الحدَقاتِ حيثُ أرى انتسابي
وألمحُ ما يسافرُ من مَراعٍ
ومن مدنٍ وبستانٍ وغابِ
وبلدانٌ نراها في بلادٍ
ومكتبةٌ نراها في كتابِ
وتنتصرُ الحياةُ غداً كلحنٍ
يهدِّىءُ روعَ نازكَ والسيابِ
إذنْ لي أمسيَ الحاني شفيعٌ
لُبابٌ نابَ دفقاً عن لُبابِ
وأشعلَ خاطري بلظى قصيدٍ
فأشعلتُ الحدائقَ والروابي !