أبحثُ عن ابرةٍ في نهر
ابذلُ جهدي لأكتبَ قصيدةً بلا احجارٍ
او عجائزَ مدمناتٍ .
منذ اربعين سنة خرجتُ , ذات امسية
من بيتي في كركوك
لم ارجعْ اليهِ حتى الآن .
اكتبُ هذا للمرةِ الأخيرةِ
كي انساه
***
التقي حطاباً وقت الغسق
ارجوهُ ان يخبرَ معلمينَ في هذه القرى
بوجودي هنا , آملاً حضورهم لنخفي جنوداً هاربين
ونقفَ خاشعين امام غرابٍ وحيدٍ
نجا من هذه الحرب
***
بحثتُ عن كنزٍ خبأهُ جدي السكير
قرب هضبةٍ اعرفها , فتّشتها وحفرتُ هنا وهناك
ثم نقّبتُ هضاباً اخرى , لم اعثر الا على ثعابين صامتة
حول هياكلِ حيواناتٍ وبشر . كان يصلني
من بعيدٍ , نواحُ زورقٍ بعد آخر
خارج مدينةٍ بلا ساحل
***
افكارٌ كثيرة , ثقيلة , في راسي
اليوم قررتُ افراغَ معظمها في جراب
وحملهُ على كتفي .
من حسن حظي , حين اصلُ شجرة حور
او رمان , ترفعُ اغصانها لي
فأمرّ آمناً , متجهاً الى شوارع وازقةٍ
اجوبُ فيها , ولا يتعقبني احد
***
اين تمضينَ ياحياتي ؟
سؤالٌ لا يُعني سكارى يغنونَ
في مساءٍ عندَ محيطٍ .
ربما يناسبُ متقاعداًَ مثلي
يجلسُ على مقعدٍ حجري في ضاحيةِ مدينةٍ
بحدّقُ في المارةِ , هو الذي تخيّلَ في شبابه
ان العالمَ خُلقَ او بُني خصيصاً له :
خرجَ ذات ليلةٍ يطاردُ الأفقَ وكادَ يلمسهُ
لكنهُ فجاةً إبتعدَ .
عادَ عند الشفقِ منهكاً
تعلّمَ الاستلقاء قربَ غديرٍ , التطلعَ الى سحبٍ
او نجوم ـ بلا همٍّ , بلا امل
***
ان تجلسَ القرفصاء في مقبرة
وقت العصر , تشاهد موتى يصنعونَ قواربَ
لأغنياء .
يمتعكَ هذا المشهد , اعرفُ ذلك
هذا افضل من فتحكَ باب قفصٍ لنمرٍ
فلا يخرجُ , او تضطرَ لدفعِ فواتير فقراء
في مطعمٍ , لتتبجحَ حول مشاعرك الخيرية
امام صديقتك .
***
صريرُ بابٍ ليسَ هنا
هراوةٌ نسيها شرطيّ في مسجد
كتابٌ عن تصريف الافعالٍ فوقَ طاولةِ سفينة
وجاسوسٌ يتسولُ في حديقة
كفى . امضِ , ابتعدْ مقلّداً جواداً يخبّ
حاملاً في داخلكَ اسراركَ الليلية :
لم تكن سوى مشذبِ اغصان
واخيراً تجرأتَ ودخلتَ نهراً
لتبحثَ عن ابرة