الرئيسية » » العائدون | إبراهيم البهرزي

العائدون | إبراهيم البهرزي

Written By Unknown on السبت، 13 يونيو 2015 | 3:59 ص



العائدون
1
لم نقرّر التخلص منهم كما تقتضي كل حكاية
فنحن بالأساس , ماغفونا على حكايات العالم في طفولاتنا
فصارت القصص ,فيما بعد , مليئة بالجفرات ,
كل غريب يسقط فيها حائرا ً
وكل حكيم ٍ فينا
يفرك يديه آسفا ً ويكتفي .
2
حدث الامر كما في بحار الأساطير
سفينةٌ تتبعثر مُزُقا ً في الموج ِ
فنقتسم ُ بعدالة ٍ بقيّة أخشابها
وبعدالة ٍ أيضا ً , يطفو كل ٌّ على خشبته ِ
بعدالة ٍ يتيه ُ من يتيه ُ.
قراصنة ٌ عابرون هم الذين أشفقوا على ضياعنا
وحين أعادونا بمراكبهم الى الشاطيءِ ,
أوّل فكرة ٍ كانت تطاردنا
هي البحث عن سبب ٍ للنسيان ..
كانت شراكة ً مؤلمة ً
كانت سفينة ً مشؤومة ً
لم يكن الربّان عادلا ً ولا المجذّفون َ,
لا الريح ُ ولا الشراع .
3
القراصنة الذين أعادونا الى الشاطيء لهم شفاعةُالمنقذ ِ
لهم كلمة ُ فاصلة ٌ
لهم في أعناقنا ديون أثقل ُ من النير
والأرادة كلّها
البوصلة والنوء , وربما رب الرياح الاربعة ِ
وكان لنا , كتقليد من الامتنان ,أن نؤمن َ بهم مطلقا ً..
وهكذا صرنا قراصنة ً .
4
سرقت الطبيعة ُ ,من قبل ُ , بحرنا الكبير
قيل َ ان الأمر كان عقوبة ً عن عصيانٍ
فليس لنا الا انهارنا الصغيرة
نسقي منها كفاف زروعنا , ونبول بها
ونحتشد ُ أحيانا ً على ضلوعها الناتئة في طقوس القرصنة ِ
وقد غدت بفعل الملل والعادة
أعيادا ً موقوتة ً
نصعد ُ في الانهار وننزل ُ
أشرعتنا رايات الخصومة , واسطرلاباتنا
حكمة الحكماء العُور.
5
كنّا ملائكة ً حين كانت أرضنا لنا ,
ما تهبه ُ الأرض ُ أكثر كَرَما ً من الرضا
الشمس ُ تسكب النور فتضيء ُ البذرة ُ
أرضنا تعرف ُ مانريد ُ ونعرف ُ أيضا ً,
أجساد ُ أسلافنا كانت تعاود ُ الطلوع َ نخلا ً وكَرْما ً
وكنّا ملائكة ً تشرب ُ النبيذ وتصلّي
لا اله َ لنا غيِر َ ثمار أسلافنا
كانت الحياة ُ كمنجة ً من الغصون
وكنّا رياحا ً.
6
السرقات ُ الريفيّة الصغيرة لا تريق دما ً
طفل ٌ يعبر من مزرعة ٍ لأخرى
صبيّة ٌ تتطلّع ُ صوب السطح المجاور
عربة خضار تسقط عن القنطرة
دجاجة ً يسرقها جائع ٌ
سرب حمام ٍ بلديٍّ يحطُّ على برج الجيران
لا حكيم يفصل ُ في المعضلة
ولا جندرمة تقتاد السكران العاصي للحسبة ِ
لا اله لنا غير ثمار أسلافنا
يجلس الحائر ُ منّا تحت الشجرة
يرتشف العصير وينبذ نواة الحيرة
وخطايا الريف ليست الا فلكلورا ً للسُمّار .
7
كنّا طيورا ً يوم كنّا بلا حكماء
فقدنا خفّة الريش شيئا ً فشيئا ً
حكيم ٌ , حكيمان , بضعة ُ حكماء ٍ
ينتفون الريش عنّا
لم يعد عندنا غير فعل التجوّل بين البيوت
والاصغاء لمناكفات العجائز والحكماء
السماء نسيناها تماما ً
وصارت أظلافنا تطول ُ
صرنا بحاجة ٍ الى أعداءٍ يعينون حكماءنا على الحكمة ِ
بعدما تعفّنت حكمتهم ,
الأشجار نسيناها
صرنا بحاجة ٍ الى حطب ٍ ينير الكهوف التي حفرناها
ذهبنا متوسّلين لآبائنا القراصنة المؤسسين
بحثا ً عن مدفعيّة ٍ ثقيلة ٍ
بحثا ً عن حيلة ٍ نفتقر ُ اليها ,
الطبيعة نسيناها .
8
ليست عندي موعظة جديدة ,
في الخير والشر
لا أحد يعرف أكثر مما يعرفه الاخرون,
انّما العناد لا المعرفة ,
ولع ُ النكرات بالاختلاف
هو من يجعل اليمامة َ صقرا ً.
لا أحد َ ليقول أكثر من هذا :
عنقود العنب في الدالية ليس كأس النبيذ ,
مثلما هي الثمالة
في القلب , لافي النبيذ نفسه ...
ولكنهم يصغون جيّدا ً للقراصنة الذين يعودون تحت جنح الظلام
يصغون جيّدا ً
لأن القرصان لا يعلّمك الحرب َ فحسب
بل يهبك َ المدفعيّة الثقيلة
ولأن القوّة هي أرخص البضائع
فهي لا تتطلب شيئا ً غير النقود
ولأن النقود لم تعد كرامة التعب
ولأن القراصنة ينبغي أن يعودوا من جهة ما
فانني لا أجد الكلمات التي تليق بشاعر ٍ..
9
حملة ُ الفؤوس لن يرتكبوا جريمة ً
هم يقطعون الأشجار فحسب ,
وأنتم الذين تحرقون حطبها ,
مهمّة ٌ يسيرة ٌ
توقدون النار َ وتضحكون لفتنة اللهب
ثم َّ من يقول بأن الرماد لا ينفع شيئا ً؟
انتم على الاقل لم تأكلوا الرماد َ ذات يوم !
الفلسفة مهمّة ٌ في مثل هذه الأحوال
مهمٌّ جدّا ً أن تجد َ الطبل َ في مقدّمة الموكب
ورائع ٌ جدّا ً أن تجرّبوا رقصة الحرب ثانية ً ,
القراصنة الذين عادوا من جمع الجهات
طيّبون َ
ولن يبتغوا غير متعة النظر ِ
الى رقصتكم الاخيرة .
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.