الرئيسية » » كوثرُ الحنينِ وصمتُ التواريخِ | صبري هاشم

كوثرُ الحنينِ وصمتُ التواريخِ | صبري هاشم

Written By Lyly on الخميس، 12 مارس 2015 | 2:04 م


كوثرُ الحنينِ وصمتُ التواريخِ
صبري هاشم



كوثرُ الحنينِ وصمتُ التواريخِ

*** 
في نَفْسيَ للعناقِ اٍشْتِهاءُ
وفيها للعتابِ رَغبةٌ
إنّما الطّريقُ طويلةٌ والحواجزُ كُثْرُ
وأنتَ أَيْقونةٌ تَجَلّتْ على صفحةٍ في السّماِءِ 
ثُمَّ تسيّدَتْ 
كُلّما مِنها دنوتُ نَهَرني الوَقتُ وصارتْ عَنّي تَبْتَعدُ
والليلةَ فاضَ بيَ أيُّها البعيدُ اشتياق 
أيُّها الجميلُ ، النبيلُ
أيُّها العراقُ العراقُ العراق 
الليلةَ ما أعذبَ عطرَ الذّاكرة !
وما أَشْهى الحنينَ حينَ يسكِبُهُ على هامتي قمرٌ 
وهو حِبرٌ مُبَجّلٌ إلى حُضْني يظلُّ يَتَسيّلُ ! 
ما أوضحَ وجهَ أَيقونةٍ بالأسئلةِ يعتملُ !
لَم أتركْ على مذبحِ شموعِ العمرِ همسةً 
ولا أبقيتُ على قارعةِ الطريقِ مِنّيَ نأمةً 
ولا تَركَ على قدميَّ الزّمانُ ذرّةً مِن تُرابِ الجنونِ 
توهّمتُ حَبيبي وشَرِبتُ على مُفترقِ مُدنِ الضّياعِ نَخْباً للقاءٍ باتَ في علمِ الغيبِ مُرْتَقباً 
ظلَّ وَهْماً بهِ يتندّرُ العابثون 
كنتُ على ظهرِ زورقٍ يَهْتَزُّ موجوعاً مِنْ كُثرةِ الأحزانِ
وبيَ كانتْ تَتَفَجّرُ اغْتِراباتي
أيُّها الوطنُ المرهونُ دوماً لأحلامِ الغُزاةِ
مَن يَعتِقُكَ وقد غَدَر بِكَ الأبناءُ تباعاً ؟
*** 
" ... لَنا زعانفُ رُكِّبِت على أجسادِنا أَجْنَحةً ..."
"... أَبْهرَتْنا للوهلةِ الأُولى وأَبْهَجَتْنا وقُلْنا كُنّا الطيورَ..."
" ... كَشَفتْ عَنّا المنافي حراشفَ .. فَما أبشعَنا ! ..."
" ... ومَن يسترُنا نحن أَعْدَاء النَّسيمِ ؟..." 
***
عُدْ كما كُنتَ حَبيبي جميلاً في قَرَاراتي 
فمَا أحْوَجَني إليكَ الآن! 
كما في كلِّ آن 
أيُّها الوطنُ الذي تناثرتْ في سمائهِ أشلاءُ أحلاميَ
لقد تكاثرَ عليكَ الجَاحِدون
إليهم لا تَلتَفتْ 
فنَحْوهم تُشيرُ السّبّابةُ :
هؤلاءِ خونةُ الأرضِ والعرضِ
وعليهم لا تَحْزنْ حبيبي
*** 
أيُّها النّادلُ
دعْني في سكرتي 
فأنا مُنذُ الليلةِ 
قررتُ أنْ لا أصحوَ على عالمٍ خربٍ بعدَ الآن
دَعْني أُحَررْ ـ إنْ اسْتَطِعتُ ـ ما تبَقّى مِن أوراقيَ المَهجورةِ هذا المساءَ
وهذهِ طاولةٌ تعومُ في سَلامٍ
والقمرُ مِن فوقيَ يتبخترُ في صفاءٍ
ثمَّ يحاولُ نَحويَ أنْ يتحدّرَ 
فَتَمْنَعهُ رهبةُ المسافةِ
وبين الفينةِ والأخرى يُرسلُ إليَّ كأساً مُثلجةً
وأنغاماً وقهقهاتِ نساءٍ
هو شيءٌ مِن ذاكرةٍ الحنينِ يقولُ 
وأنا أكتبُ أكداساً مِن كلماتٍ 
وأشطبُ ما لذَّ مِنها وطابَ 
وطَاوِلَتي تَتَأرجحُ طرباً
ما أَشْهى اللحظةَ وتلكَ الأيام !
*** 
" ... هذا شحوبٌ على وجهِ الورقِ وثمّةَ ظِلالٌ ... "
" ... وأنفاسٌ تنسكبُ على رأسيَ حارقةً ... "
" ... فلِمَنْ يتبرّجُ ليليَ وأنا في ضَلالٍ ؟... "
" ... وتلكَ حشودٌ ومواكبُ تَطرقُ أبوابَ التّيهِ ... "
" ... هل عادَ المَلكُ داريوش الأول في خُضُمِّ الأحداثِ ؟ ... "
" ... هل عادَ ونحن في غَيْبتِنا الأخيرة ؟ ... "
" ... عاشَ الأخمينُ .. عاشتْ القارّةُ الأخمينية ... "
" ... عاشَ غَدْرُكُم أيُّها الأبناءُ !! ... "
*** 
على عَاتِقي تَهْطِلُ أسْرارُ التواريخِ
وفي صدريَ تَعْتَملُ الأشواقُ 
الصّبحُ يقتربُ 
وأنتَ عنّي تبتعدُ 
فَبماذا يسرُّكَ الورقُ 
في قابلِ الأيام ؟


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.