الرئيسية » » متاهة الأشباح | برهان شاوي

متاهة الأشباح | برهان شاوي

Written By Lyly on الثلاثاء، 24 فبراير 2015 | 5:01 ص



متاهة الأشباح
برهان شاوي


نشيد الشبح الحزين

ليس لنا سوى هذه الحياة..
ليس لنا سوى الإحتفاء بالحب والرغبات المحرمة..
لا ينتظرنا سوى الضجر..
نهرب من أنفسنا إلى الحياة...


الموت في أعماقنا ينظر إلينا بعينين متقدتين مثل فهد أسود في ليل الأعماق المظلمة..
إندفعت بكل جنوني نحو الحياة..
هبطت مغامراً إلى أعماقها الجهنمية الملتهبة.. 
ودخلت مغاراتها المظلمة.. 
مأخوذاً بنشوة العلم.. 
بارتعاشة الجمال اللازوردية..
بلذة الحب..وبتجليات الكشف وطموح الأسئلة.. 
لكني لا أذكر الآن من جنوني سوى جنوني...
ذكريات محنطة عن الجنون..ذكريات ميتة عن الحياة.

قادني الدين إلى الإلحاد.. والإلحاد إلى الإيمان..
فأكتشفتُ نور ذاتي في الوجود المرئي واللامرئي.. 
وبين تديني وإلحادي تترامى مجرات من الأسئلة المضيئة والمطفأة .. 
وبين إلحادي وإيماني تتراقص مجرات من النور الحليبي ..
وتتـلاطـم محيطات من الضوء الأسود.

لـستُ بطلاً.. 
الأبطال الحقيقيون ينامون في القبور الجماعية..
تحت قبور بلا شواهد..
الموتى وحدهم هم الأبطال.. 
الموتى وحدهم من يحملون الزهور الذابلة ويمضون إلى كرنفال الحقيقة.

فتشت عن معنى للحياة فلم أجده إلا في الحب..
لا..ليس المعنى في الحب..
لكن الحب هو الوسيلة الوحيدة لنواجه بها ضجر الحياة.

**********

أنا آدم الحزين.. 
حلمت ذات يوم بوطن جميل..
حلمت بالحب والصداقة والجمال..
لكني لم أجد سوى بلاد تُساق إلى الذبح كما تساق البقرة إلى المسلخ ..
أدخلوني زنزانة ووضعوا قناعا على رأسي..
وحين فكوا القناع الصدئ عن رأسي بعد سنوات..
لم يكن هناك رأس ولا وجه..كان القناع يغلف الفراغ.

كل الأنهار تجري إلى البحر والبحر ليس بملآن. 
إلى المكان الذي جرت منه الأنهار إلى هناك تذهب راجعة. 
كل الكلام يقصر. لا يستطيع الإنسان أن يُخبِرَ بالكُل. 
العين لا تشبع من النظر، والأذن لا تمتلئ من السمع.. 
لا النفس تشبع من الرغبات ولا القدرة كافية لذلك..، 
الكل لاشيء..
الكل شيء غير مرئي..
قال الشبح الحزين.. 
**********
أصــغ إليّ يا قارئ هذه الصفحات .. 
أنت قد تبحث عن إثمي وتفتش على خطيئتي.. 
وها أنذا أقول لك : لم تكن أيامي أياماً.. 
لقد كنت ظلاً تائها في أرض الموت.. ظلاً مهاناً وذليلا.. 
لقد أعدموا اسمي..
بل أعدموا إنساناً .. 
أعدموا لاشيئا آخرَ بدلاً عني..
أعدموا سوسنة الأودية.

كلنا آثمون..لا أبرياء هنا سوى الأشجار.

سأفتح لك كنوز التجارب الفاسدة..
عندها ستتمنى الطوفان ليُغرق هذا العالم العفن..

لكنه التاريخ المزيف مرة أخرى سيجيء.. 
سينظر إلى الجميع بعينيه الناعستين..
سيبرئ الجميع.. 
سيبرئ القتلة وضحاياهم.. 
وما دام هناك النسيان فالحياة ستكون ممكنة. 
الحياة فاكهة النسيان.
النسيان فاكهة الحياة..

**********

من أجل الحب نقتل الآخرين..
وباسم الحب نشن الحروب..
باسم الحب نوقد جحيم الإنتقام! 
بل باسم الحب نكره ونحقد..

أه من الأحلام..
لقد ذبلت الورود في حديقتي وهي تحلم بالطيران.. 
الفراشات ماتت قبل أن تصل إلى الشمعة وهي تحلم بالحرية..

كم من الحنين أحنى شجرة الرمان..

كم من الفنارات انطفأت في ليل الخيانة.. 
كم من الموانئ تحطمت من هول أمواج بحر الظلام العاتي..

كم من المنعطفات المظلمة والمليئة بالدخان في أودية الجحيم.. 
كم من الضجر في الفردوس.

لست إلهاً...
أريد الرحمة..لا القرابين..

أريد الحنين..
لا الصلوات الذليلة المنافقة..

من أوراق الشبح الحزين..من روايتي (متـاهـة الأشــباح)


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.